دانكِرك .. بلدةٌ علي القنال الإنجليزي فرنسية القسمات
كان يومها لقاؤنا سيدتي .. هل تذكرين ..؟ بعد ساعتين
كنا سنركب البحر إلي دوفر البريطانية . اشتقتُ سيدتي
لقياكِ هناك مرةً أخري ...أتعرفين لماذا ...؟ لأن لقاءنــا
كان بسيطا بساطتكِ أنتِ يومها ,,, وصرنا خلال زمـــن
قصير كعاشقين مر بهم عمر العشق ترفا ووودا ...
دافئةٌ أحضانكِ في صقيع الشمال هناك كانت ... وما
كنتُ لأجد غيرها تدفع عني رياحا باردةُ كتلك اليلـــة ...
رفيقتي صرتِ أنتِ بقية الأيام هناك .. أشـــتقت إليكِ
وتذكرتُ دموعكِ يوم سفركِ إلي بلادكِ البعيـــــدة في
هناك في غرب الدنيا ...
لكِ من القلب أشواقي أيتها الغريبة التي التقيتهــــــا
يوما فطبعت في الذاكـــــــرة حنينا ولحظات حب بلا
ثمن غير الحب نفسه ...
لقاؤنا القادم علي مرفئ دوفر ...
هناك كان الصقيع يفترسنا بقوة ..
كانت الرياح عاتية ...كان الثلج يغطي
الشوارع ... وكنا معا نلهوا غير
مكترثين بكل تلك الأجواء ..ممتعةٌ
تلك اللحظات معكِ ..يصعب طيها جانبا
أومحو آثارها من الذاكرة ...
علي الجليد تكون للشفاه طريقتها للتعبير
أنتِ ..وأنا كنا قد عرفنا ذلك ...
لحظات السعادة تضل في الذاكرة طويلاً ...
تنحت زمنها في عمق النفس بلا إذن من
أحد ... تتباهي بجمالها عن كل أحداثنا ..
يبقي أن أضيف أنكِ كنتِ ذات شتاء هناك
وكنتُ أنا عالمكِ حينها وأنتِ شاردةٌ معي
كغزالة ساحةٌ في ضفاف بعيدة ...
باسمةٌ لحظاتنا تلك كانت أيتها الغريبة ..
يا لغرابة حياتنا ...عندما تلقيك الأيام
بأحدهم في بلاد الغربة ..يستهويك حتي
العشق ..وتحبه .. وتعيش لحظاتك جميلةً
تنسي معه حتي أنه كان يوما غريبا ..
ثم تأتيكم ساعة الوداع ...
آه ..يا تلك الثواني كم تتلاعبين بدموعنا ..
غريبةٌ سلاسل أيامنا أليست كذلك ... ؟
شتاؤنا هناك كان ينخر في عظامنا بحدة
قارسٌ هذا الصقيع عليكِ سيدتي ..لكن
هذا القلب الذي تحملينه في صدركِ
يحميكِ من كل ثلوج السماء التي تهطلنا
بغزارة هنا .. نجوب تلك الأرجاء حتي
وهي تقذفنا بحبات البرد ..دفئ حضنكِ
ودفئ صدري لكِ كان ملاذينا ...
فهل تستطيع المطر وقف حديث
المشاعر ...؟
في شرق الأرض ..أنا سيدتي قادمٌ وحدي
من بلاد لاتغرب عنها الشمس إلا بعض الوقت
ومن غرب الدنيا أتيتِ أنتِ رائعةً ليقذفكِ القدر
هنا حيث كنتُ أنتظر قطار الرحلة القادمة ...
بعيدةٌ مساحات الكون لكننا عكسها قريبين
صرنا بل كجسد واحد امتد علي قطعة قماش
في مؤخرة قطار بطيئ ...
ولا تزال الغربة تذهلني ...بعد
لم تكن لدينا فرصةٌ سيدتي لحساب
الزمن الذي يمضي .....
فجأةً زقعت يدي علي تذكرة سفركِ ...
عرفتُ ساعتها أن الرحيل قادمٌ إلينا
يجر خلفه وجع العناق عند حواجز
المسافرين ..تلتقي الدموع هناك ..
لا شيء يبدو دائما ف لمعانه ..
هذا السفر سيترك فرصا للذكريات
دعينا من ذلك الآن ..فنجان قهوتي
قد برد .. لا وقت للدموع ..
لا حقًا سأحكي لكِ حكايةً أخري..
يا سيدةً لا تطويها الأيام من الذاكرة ..
ولا تمحوها المسافات ..قلبكِ كان هنا
للحب والترحال ..عشِق الحب والدفئ
والحنان علي يدي في صقيع بلاد الله
هو الآن يحزم حقائبه استعدادا للرحيل
كطائر موسمي يعود أدراجه إلي البعيد
كيف كنتِ أنتِ بالأمس وكيف أنا ..؟
لرقة احاسيسكِ دفئ يلوذ عني ...
وتضل ريح الشمال باردةً ولاتتوقف ..
وسفري هو الآخر حثيثا لا يتوقف ,,
أقابل تلك الأعاصير يا ناعسة العينين
بدفئ قلبكِ وتلك الأحضان البالغة الحنان
لكني اليوم سأرحل وحيدا .... سافتقدك ..,
لم أراكِ تبكين قبل الآن ... لماذا تلك
الدموع تنهمر اليوم هكذا ...؟
لقد قابلتِ الكثير من البشر عبر
مسافات ترحالكِ كما فعلتُ أنا
فهل تدمعُ عينيكِ هكذا في كل
فراق ...؟ أم أن شيئا آخر
كان هنا ...؟