أقبلت علينا إجازة الصيف، بعدعراكنا مع الكتب طيلة عام دراسي كامل.
وها نحن نلتقط معهم أنفاسنا من جديد، بعد انتهاء الامتحانات، واجتيازها بسلام ولله الحمد.
لنشعر معهم بالتحرر من قيود المذاكرة والمدرسة. إلا أن هذه المشاعر الجميلة ما تلبث أن تتبدد نتيجة ما يحل بالأسرة بأكملها من فوضى عارمة، يكون السهر سمةً أساسيةً بارزةً فيها.
فينقلب الليل إلى نهار، والنهار إلى ليل، وكأن الإجازة تعني الفراغ، والاستهتار بالوقت، وقلب الحياة.
فتُحيى فيها الليالي وتعمر لا بالذكر والصلاة، بل بالتلفاز واللهو في الأسواق والشوارع، لتُظهر لنا سلوكيات سيئة. نتيجةً للاجتماع بالصحبة السيئة والفراغ، تحت شعار نحن في إجازة!
ومن قال: إن الإجازة موسماً لقتل الوقت، والتعمق باللهو المباح وغير المباح؟
لم يدركوا أن الإجازة هي وسيلة لتجديد النشاط والحيوية، وكسر الروتين للعودة إلى العمل والدراسة بدافعية وهمة عالية، فهي لم تكن يوماً نقطة في طريق العلم والمعرفة، بل هي فاصلة لالتقاط الأنفاس وتجديد الهمم للانطلاق من جديد.
وهي جسر يربط بين السنوات الدراسية لأبنائنا، فلنحرص على أن يكون امتدادا لعلمهم وثقافتهم وتنمية مواهبهم مع ترفيههم الترفيه الممزوج بالمُتعة والفائدة.
فهي فرصة لدفع أبنائنا للقيام بالأعمال الصالحة التي قد لا يسعفهم الوقت من القيام بها في أوقات الدراسة، كقراءة كتب التفسير مع الورد اليومي، القيام بالنوافل وحفظ الأذكار وصلة الرحم، وكذلك بناتنا ليتعلمن بعض الأمور المنزلية التي تساعدها في تدبير أمورها مستقبلاً؛ لتكون زوجةً صالحةً وأماً فاضلة التربية، و القيام بذلك يكون بالتخطيط الجيد من قبل الوالدين والأبناء لاستثمار طاقاتهم.
وكل ذلك لا يمنع من الترفيه وممارسة الرياضة والهوايات والخروج مع الأصدقاء، وزيارة المهرجانات. على أن يكون في حدود المنطق. فلا يطغى جانب عن آخر، لتكون أوقاتهم عامرة بما يسر وينفع، ولنبدد شبح الفراغ القاتل، ولينهضوا بأنفسهم. وبأمتهم، فهم أمانة لدينا ونحن مسؤولون عنهم، لذا علينا توجيههم من طفولتهم لاستثمار أوقاتهم كلها.
فالمسلم حريص على أن يستثمر كل أوقات حياته؛ لأن الدقائق هي حياته.